من أجل تعظيم الله في عقولنا وقلوبنا
الدكتور أحمد عدنان الجبوري
أخصائي في جراحة الجملة العصبية
فالآية الأولى التي سنقف عندها هي الليف العصبي (Axon) وهو أنبوب رفيع يصل قطره إلى نصف جزء من مليون جزء من المتر (نصف مايكوميتر) يقوم بنقل النبضات العصبية من وإلى الدماغ وأعداده مهولة في الدماغ .
فالعصب البصري وحده يحوي على مليون ليف، والوصلة بين نصفي الدماغ تحتوي على 300 مليون ليف عصبي ، فعندما شاهدو العلماء وفرته في الكائنات تصوروا سهولة تقليده وصناعته فجاء أحدهم وهو (هوجكن) فقام بدراسته تمهيداً لتقليده وصناعته .فأول ما قام به هو قياس مقاومته حيث انه عامله كسلك مغذي يوصل الإشارات الكهربائية فتفاجئ عندما علم مقاومة متر منه تعادل نظيره من الذهب (وهو أرقى المعادن في التوصيل الكهربائي) لكن بطول من الأرض إلى المريخ عشر مرات !!!
والأمر العجيب في ذلك هو ليس هذه المسافة الكونية فحسب لكن كيف تنتقل الإشارة في ذلك السلك فإنك لو بعثت بإشارة مقدارها مليون فولت في بداية هذا السلك لضاعت كلها في الطريق ولم يصل إلى نهايته المريخية شيء من تلك الإشارة .
أما حالة الليف العصبي فإن الإشارة تنشأ في البداية لا بملايين الفولتات لكن بجزء يسير من الفولت (70 ملي فولت تقريباً) لتصل إلى النهاية (الكونية!) بنفس المقدار ( 70 ملي فولت) دون أي خسارة أو ضياع .
فأدرك (هوجكن) ومن معه من العلماء استحالة تقليد ليف عصبي واحد رغم وفرته في الجهاز العصبي ..!
ومما يزيد الأمر إعجازاً وروعة وهو أن الليف لا يقوم بنقل الإشارة الكهربائية (النبضة العصبية) بهذه الأمانة فحسب بل إنه في الحقيقة وعاء أنبوبي تجري في داخله المواد الكيميائية والناقلات العصبية ذهاباً وإياباً دون اختلاط أو اضطراب .
فمواد تصنع في الخلية العصبية ثم ترسل في داخل الأنبوب العصبي (الليف العصبي) إلى العضلات بينما يقوم سطح هذا الليف بنقل الإشارة الكهربائية بالطريقة المعجزة التي ذكرتها ومواد أخرى ينقلها الليف العصبي بالاتجاه المعاكس من العضلات إلى جسم الخلية لتخبر الأخيرة عن حالة العضلة الصحية وهل هي لا تزال تتأثر بالنبضات التي تصلها من سطح ذلك الليف العصبي أم لا ؟
وهكذا فإن هذا الليف الذي اعتقدوا بسهولة صناعته تبين أنه في غاية الإتقان والتعقيد فوقفوا أمامه مبهورين مبهوتين معجبين ولسان حالهم يقول ...
.. لا شيء ولا حتى ليف عصبي واحد .. منقووول