اكثرمن في الكون نائيمين
أكثر من ترى في هذا الكون نائمين ولو كانوا يأكلون ويشربون ويسرحون ويمرحون ولكنهم في رقدة الغافلين فمتى يستيقظون؟ هناك يقظة أخرى غير الاستيقاظ من النوم وهي يقظة القلب فلا ينام بعدها أبدا ولو أن كثيرا ممن ترى استيقظت قلوبهم وايم الله لجدوا في السير وألحوا في الطلب فلا ترى العالم إلا متنبها باحثا مطالعا ولا ترى العابد إلا عاكفا مسبّحا متبتلا ولا ترى العامل إلا مستغرقا في عمله متفانيا في مهنته
ولكن هيهات.. !
كدح لطلب المعيشة منقطع النظير وجهاد للحصول على اللقمة يضرب به الأمثال وبالمقابل فشل ذريع في حقوق الروح وواجبات النفس .
أرواحنا جائعة لزادها المعنوي المثالي وهي تعرض نفسها على المنهج الحق الرباني وتنادي: (فأوف لنا الكيل وتصدق علينا إن الله يجزي المتصدقين) .
المصحف على الرفّ والسنّة على الأدراج والقلوب في ذهول بعيشها وسعيها الدنيوي المغرق في الطلب والإلحاح والجشع قدّمت لنا الرسالة غضة طرية ناعمة فهل من محتضن لها ؟
ذللت لنا قطوف الحكمة فهل من قاطف لثمارها اليانعة؟
قال ابن القيم الجوزية _ رحمه الله_ :
لما رأى المتيقظون سطوة الدنيا بأهلها وخداع الأمل لأربابه وتملك الشيطان وقياده النفوس ورأوا الدولة للنفس الأمارة_ لجأوا إلى حصن التضرع والالتجاء كما يأوي العبد المذعور إلى حرم سيده .أ.ه.
فإذا كنت مسلما تقرأ وتكتب وغربت عليك شمس يوم ولم تتدبر آيات من كتاب الله وأحاديث من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فماذا يقال لمن هذا فعله ؟ وبماذا يفسر من هذا وصفه ؟
الغافل مبنّج لا يحس إلا بقدر ما يعرف أنه على قيد الحياة .
ذكاء في مرادات البطن إقدام للحصول على الكسرة والغرفة والدرهم ولو صرف مثل هذا الجهد في طلب زاد الحياة الآخرة لأصبحت منازل الكثيرين في الجنة كالكواكب الدرية ينظر إليها الناس فهنيئا أيها المثابرون المقدمون .